Connect with us

À vos plumes

!كلنا تائهون يا صديقي

Avatar

Published

on

[simplicity-save-for-later]

أريد الشيء و أريد نقيضه ..

أريد أن أنعزل و أرتاح و أريد أن أجالس البعض و أضحك و أصنع معهم ذكريات جميلة. أريد أن أحلم و أتخيل و أريد أن أعيش الواقع بكل جوانبه.

أريد أن أحب و لا أريد … و ما المغزى من كل هاته الصراعات و من المنتصر فيها؟ .. لا أدري و لكن أعلم أني لست من سينتصر فعقلي يهدمني كل يوم .. كل ساعة .. كل لحظة .. و مع كل حرف أكتبه أرمي بعضا من ذلك الركام في هاته السطور .. و مع كل جزء يسقط أشعر أنني أفقد نفسي و أشعر أنني أعيد اكتشافها من البداية .. صراعات مخيفة تحتدم داخلي و تتداخل مشكلة متاهة مركزها الأنا التي ما عدت أعلم كيف أصفها فكلما وصفتها وجدتها تشكلت في صورة جديدة ووجدت أني قد غفلت عن بعض الجوانب فيصير محالا رسمها أو ترجمتها إلى حروف .. رغم أنها مدفونة في كل سطر وكل كلمة وكل حرف وحتى في هامش الورقة الذي لا يحمل لمسة الحبر …

ما عدت أعرف ما أريد يا أمي و أشتقت لنفسي، أشتقت لجوانبي المبتسمة، لجوانبي المشعة، لجوانبي السعيدة .. لجوانبي الراحلة التي تركتني أتخبط في الأطلال و الحنين للماضي و الرغبة في التقدم نحو المستقبل المجهول …

وفي هاته الليلة الباردة تدفقت في صدري أفكار متشعبة جعلتني أشعر بالدفء فبعضها حمم من الغضب و بعضها لمسة دافئة من الإهتمام و كلها تتداخل في عنف و عنفوان و أنا أغوص فيها في سكون يعم أقصى ربوع ذاتي … و لكن ما عدت أعرف بماذا أشعر؟! فالنظام موجود و الفوضى موجودة والسكون موجود والضوضاء موجودة والسلم موجود والحرب موجودة وكلها انعكاسات لي و تغيرات حالي و لكن حضورها كلها في آن هو ما دمر مفهوم المنطق داخلي ..

أنظر للنجوم آملا أن ترشدني سبيل الانتفاضة على الوضع الحالي على الرغم من ثقتي بأن النجوم لم تكن يوما بهادية لمن أضاع طريق الوصول لذاته و لكن لا أحد يعلم ما يدور في رأسي .. حتى أنا .. خاصة أنا .. فقد استسلمت ومللت البحث عن نور لا أدري شكله .. أهو بشر ينتزعني من حضيض الأفكار السوداء؟ أم هي ضربة حظ تقلب عالمي و تبكيني فرحا؟ ولكني متيقن أن نفسي هي منقذتي و معذبتي .. إذ ما عدت أعلم كيف أوجهها فقد حطمت أمواج النكسات الدفة و تركتني تحت سماء من التيه و بحر من الغضب .. تشتعل ذاتي و ترتفع شدة الغضب أحيانا و أحيانا أجلس أتأمل النجوم و أشعر بكل شيء : تدفق الدم في عروقي ، تعب تحت عيون أرهقها الأرق ، و صدى يتكرر في رأسي مخلفا روتينا قاتلا …

أنا متعب يا أماه …أريد أن أغير كل معالم الواقع بدءا بنفسي .. وخاصة نفسي .. فقد مللت وتعبت من كل التعقيدات و المخاوف و القلق … متعب ليس لأني أفكر لكن لأني أفرطت في التفكير في فرضيات ترهق العقل و تثير جراح في صدر متخن .. لقد بانت ندوب الواقع على عينين لم تذرفا دمعا بل كبحت جماح كل الهموم و حين جهزت قافلتي لأعبر العاصفة نسيت نفسي ونسيت القافلة و بدأت بالدوران حول هالة من الإحباط فككتني إلى مليون شظية .. لكن، سأبتسم فالفجر قادم و سأتناسى مشاكلي غدا وأجمع شتات نفسي و أنتفض.

Share your thoughts

Continue Reading

À vos plumes

مقتطف من رواية عائدون

insatpress

Published

on

[simplicity-save-for-later]

By

ما بي؟

أتريدون أن تعرفوا ما بي؟ أتعلمون ما أكثر شيء أكرهه في نفسي؟ ليس غروري ولا جشعي ولا شهوتي ولا حسدي ولا شراهتي ولا غضبي ولا كسلي، إنّ كلّ ما أكرهه في نفسي هو كوني بشريّا، إنّ البشر لمنافقون جدّا، إنّ القرطاجيّين يرونني بطلا بينما الرّوم يرونني وحشا، بتُّ لا أدري ما أكون، أصبحت لا أعرف الصّواب من الخطأ، الشّمس ما عادت تحرق جلدتي، أرفع رأسي فلا أرى السّماء الّتي اعتدت أن أراها، لا أرى القمر الّذي اعتدت أن أراه، أنزله فلا أرى الأرض الّتي اعتدت أن أراها، أصبح كلّ شيء مشوّشا في هذا العالم، كلّ ما أراه هو التّفاهة والحماقة والسّذاجة، إنّنا نتقاتل ونتحارب ونتهافت من أجل أسباب تافهة، من أجل قطعة أرض، من أجل الانتقام، من أجل المجد، من أجل الشّهرة، من أجل السّلام! أجل، إنّ البشر يتقاتلون كي يحلّ السّلام بينهم! إنّني لا أحتمل البشر ولا وجودي معهم ولا حتّى وجودي مع نفسي، إنّنا لا ننفك نكذب على أنفسنا، كلّنا نبحث عن أشياء ستزول يوما وإذ بنا نسينا أنّنا سنزول يوما نحن أيضا!

أتعلمون لمَ عساني شخصا متديّنا؟ ليس طمعا في الجنّة أو في خيراتها، بل خوفا من الجحيم، وليس خوفا من النّار الّتي فيه أو الألم، بل خوفا من أنّني سأجد البشر هناك، إن حصل ودخلت الجنّة، فإنّني سأطلب من الإله أن يعفيني من كوني بشريّا، أن أكون رمادا منثورا

إنّ كوني آدميّا يقتلني، إنّي أقول لكم أنّ ملكة العقل لمحض عذاب، إنّني حبيس نفسي، حبيس أفكاري، ولا أدري ما سبب شقائي، أهو قربي من الحقيقة أم بعدي عن الإله

لقد حاولت ألّا أكون كبقيّة البشر وأكون شخصا متفرّدا لا ينتمي إلى القطيع، وإذ بي أتحسّس رأسي فأجد قرونا، فلا أدري أهي قرون القطيع أم هي قرون الشّيطان الّذي صرته. أينما يحلّ البشر يحلّ معهم الخراب، إنّنا نبني، ثمّ نهدم بأيدينا ما بنته أيدينا

البارحة كنت قد رأيت فتاة، فقدت والدها بسبب حربنا، يبكي القلب حزنا ويذرف دما لرؤية ذلك الوجه البريء الّذي يقاسي بسببنا، ما ذنبها؟ هل أصبحت الولادة في الجانب المهزوم ذنبا؟ ترتعش نفسي اشمئزازًا وتنقبض ازدراءً بما فعلته بهذه الصّغيرة، إنّكم لم تروا الوجل ولا القنوط في وجهها، إنّ آذانكم غير قادرة على سماع أنين الأطفال المتأوّهين! عيونكم غير قادرة على رؤية صنوف الشّقاء وألوان الآلام الّتي تعانيها تلك المسكينة! دموع تلك الصّغيرة لهي أشرف من وجودنا وحياتنا ومبادئنا ومعتقداتنا

لقد كرهتُ نفسي، ونسيت أنّني لست نفسي! إنّني نتاج كلّ الوجوه الّتي قابلتها في حياتي، كلّ جزء منها يحيز جزءًا منّي، إنّني جزء من العالم والعالم جزء مني، لا ليس جزءًا فقط، بل كلّي، إنّ العالم يحوزني كلّي ولم أحز شيئا من نفسي، إنّني العالم والعالم أنا، لا يجب أن ألوم نفسي، فلا وجود لذاتي! إنّ أفكاركم أصبحت أفكاري، لقد جعلتني الحرب محاربا، إنّني لا أريد أن أكون محاربا، لكنّي أصبحت محاربا، آكل مثل المحاربين وأنام مثلهم وأفكّر مثلهم! فقدت ذاتي هناك، ولهذا السّبب فإنّي ألوم كلّ من كان سببا في هذا، وأبدأ بلوم كلّ الحاضرين الآن أمامي، وعلى رأس القائمة ألوم نفسي، فبالرّغم من كلّ القوّة الّتي اكتسبتها لا أزال ضعيفا، ضعيفا أمام عدوّي، هي نفسي أم هو العالم

عائدون – أحمد بن رجب

Share your thoughts

Continue Reading

Made with ❤ at INSAT - Copyrights © 2019, Insat Press