حين تحب الآخر، حين تراه جزءا منك، من هويتك، من روحك،ضرورة لتحقيق إنسانيتك. حين تدرك أنك كإنسان لن تكتمل إذا حُرم شخص من إنسانيّته و أنّك لن تعرف لا نورا ولا حياة إذا تردّى الآخر في مغبّات الظّلم و الموت.
حين تكره رؤية دموع القهر و صوت الأنين و تذوب لانفكاك أواصر عائلة، و تهدُّم مدرسة و احتراق مبنى
حين تمقت الحرب حتّى و لو لم تندلع في وطنك ، و يتّقد حَنَقُكَ على العدوّ الغاصب حتى و لو ظلّت أرضك و بيتك في سلام سرمديّ،
حين تدرك أنّ في عذاب الآخر عذابك،في شقاوته شقاوتك، في انطفاءه و موته، إنطفاءك و موتك، لأنه أنت في جسد آخر..
لأننا في المجمل « إنسان »، وِحدة صنعتها الكثرة
حينها فقط ستتّضح إنسانيّتك جليّة لا غبار عليها و ستقدر على النّعيم بها
بعبارة أخرى، يتحتّم على الإنسان الإعتراف بأنّ العلاقة الّتي تربطه بالآخر علاقة ترابطيّة و ليس الآخر مُلحَقا من ملحقات الأنا. و بالتّالي يتسنّى له الانفِلات من عِقال المادّة و الرّغبة العمياء في التّكسّب الّتي تَزُجُّه في زنزانة أنانيّته، و تسدّ منافذ التّفكير، فيغرق في ظنّه المغلوط بأنّ سعادته و حريّته يمكن لهما التّحقق بصرف النّظر عن سعادة و حريّة الآخر. و على هذا المنوال، يكون تحرير كل فرد رهين تحرير الإنسانيّة جمعاء
خلاصة القول، لا يمكننا الإشاحة بأبصارنا عن الآخر لأن ذلك أشبه ما يكون بشخص قرر طوال عمره ألاّ ينظر في المرآة و ألا يتناول الدواء إذا مرض، و ألا يبالي لا بجوع ولا بخوف و لا بتعب و لا بخطر و لا و لا و لا
بقلم اية بن ساسي
Share your thoughts