نحن شعوب متنفّسها كرة القدم، نحن الشعوب التي لم تقدر السياسة على إسعادنا أو لنقل لم تقدر الدولة على توفير مستلزمات العيش الكريم لمعظمنا . في مدة ساعتين من كرة القدم يغمرنا السرور و ننسى كل الهموم فما بالك بكأس العالم الذي يمتد لشهر كامل فما بالك لو منتخبنا الوطني يحرز نتائج إيجابية، حتى لو لم نفرح لوطننا سنجد الرفيق الذي يستحق المساندة مثلما هو الحال مع المغرب، جمعت جميع الأفارقة تحت شعار قارة واحدة و غاية تشريف الكرة الإفريقية و إثبات حنكتها و حلم السيطرة على الكرة العالمية الذي لم يكتمل . جمعت العرب تحت شعار العروبة و مهما فرقتنا السياسة كرة القدم توحدنا، حتى اليابان التي لا تجمعنا بهم أي صلة تعاطفنا معها فقط لمجرد قضية ما فقط لأننا رأينا فيهم حب اللعبة واحترامهم لها و لثقافتنا، كرة القدم أكثر من مجرد لعبة كرة القدم تلاقح ثقافات كرة القدم علاقات ومشاعر، من منا لم يعجب بعلاقة ميسي الأبوية ببقية فريق الأرجنتين الأمر يبدو طبيعي فأغلب اللاعبين الأن في أوائل العشرينات من عمرهم بما يعني أنهم في سنة 2012 حينما حصل على رابع كرة ذهبية كانوا هم أطفالا يعرفونه فقط عبر شاشة التلفاز يرون فيه الملهم، من منهم كان يتصور أنهم سيشاركونه اللعب في كأس العالم ؟ هو الآن الرفيق، هو الأب بمعنى الكلمة ، جميعهم مستعدون للمحاربة من أجل رؤية أبيهم يحمل كأس العالم، كرة القدم تجمع الشعوب كرة القدم فرحة شعوب
كرة القدم أكبر من مجرد لعبة ، كرة القدم تعكس علاقات الشعوب، كرة القدم تاريخ لا يمحى، كرة القدم تنافس و تشويق و من ينسى كأس العالم فرنسا 1938 وخاصة مباراة النهائي بين إيطاليا و المجر و ما تداولته الصحة عن رسالة موسوليني للاعبين النصر أو الموت
في زمن الخلافات السياسية بين إنقلترا و الأرجنتين و في كأس العالم 1986 عندما انتصرت الأرجنتين كان نجمهم مارادونا في عيون الشعب الأرجنتيني هو البطل هو المنتصر هو المنقذ هو قائد المعركة الذي حسم كل الخلافات، كرة القدم هي أكثر من مجرد لعبة هي أشرف المعارك و ثأر الشعوب
حتى تفهم قيمة كرة القدم، بعض من مناصري الأرجنتين اعتنقوا الديانة المارادونية بعد كأس العالم 1986
كرة القدم سلم و أمان كرة القدم أوقفت حروب، في 25 ديسمبر 1914 و بمناسبة الإحتفال بعيد الميلاد توقفت الحرب العالمية الأولى لفترة وجيزة لتقام مباراة كرة القدم بين الجيشين الألماني والإنجليزي، الساحرة المستديرة قادرة على جمع عدوين في ساحة الحرب
مدرجات كرة القدم مساحة للتعبير و الإبداع و لطالما كانت صوتا لمن لا صوت له و لطالما خرج من تلك الأماكن رسائل غيرت مصير أفراد و جماعات ، كرة القدم لأكثر من مجرد لعبة كرة القدم مرآة المجتمع
…عندما ترى رجالا تبكي بسبب مباراة كرة القدم فلتعلم أنها تمثل لهم أكثر من لعبة هم يعلمون أنهم يحملون آمال الملايين
لا يمكن أن نتحدث عن كرة القدم دون المرور على بلد الموضة بلد السحر و الجمال، إيطاليا حيث ستسمع قصص الوفاء قصص الولع و الهيام ، إيطاليا كما سماها أحد العشاق « جنة كرة القدم »، في إيطاليا لا تجد من يتحدث عن القضايا التي تمس من قيمة اللعبة و من هيبتها، في إيطاليا كرة القدم للشغف، في إيطاليا يحاربون، يحاربون فقط من أجل كرة القدم
هناك حيث طفل صغير حدد مصير توتي و من أجل برائة عيونه و حيه الصادق إختار البقاء في روما، هناك حيث ساعي البريد يترجاك أن تفوز بالديربي، هناك .كرة القدم تعني الكثير
.في إيطاليا بلد الفن و الجمال ولد الساحر و الأنيق بيرلو الشخص الذي تفنن في مداعبته للكرة, و ولد ديل بييرو الربان الذي رفض أن يترك سيدته العجوز
.خلاصة الموضوع هناك من هوى إيطاليا بسبب كرة القدم و هناك من تعلق قلبه بكرة القدم بسبب الطليان
…و بمناسبة نهائي كأس العالم تهانينا للأرجنتين
.كرة القدم أنصفت اليوم من أكرمها من أبدع في مداعبتها فنانها و أسطورتها ليونيل ميسي و أكرمته بالقطعة الناقصة في لوحته الفنية إنها البطولة في التاريخ
انتصار الأرجنتين اليوم بكأس العالم هو انتصار للشغف، إنتصار لميسي، إنتصار لجيل من اللاعبين مستعدين للتضحية بكل شئ من أجل ميسي من أجل الأب الروحي، انتصار لشعب عشق اللعبة حتى أصبح يتنفسها، شعب انتظر طويلا إنتظر 36 سنة ليسعد بأغلى بطولة في التاريخ، حتى الكلمات لا تقدر عن التعبير عن علاقة الأرجنتين وأمريكا اللاتينية بكرة القدم، إن أردت فهم هذه العلاقة فلتقرأ عن تاريخ البوكا والريفر، خلاصة الحديث انتصار الأرجنتين اليوم إنتصار كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في العالم، الساحرة المستديرة، ساحرة كل الشعوب و خاطفة كل القلوب
كتابة : وسيم تلمودي
Share your thoughts