Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 12

Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 12
المقدس – Insat Press

Ektebli

المقدس

Published

on


Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116

Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116

Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117

Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117

الساعة الرابعة فجرا..

لون أزرق مألوف ..خيالي ..حالم ..تتماهى فيه كل درجات هذا اللون بشكل سحري ، يتحدى بوقاحة نظرتي للمألوف.

أتفاجأ ككل مرة بعمق وحدتي حين أنتظر صوت كعبها العالي يرتطم بالرصيف…

هدوء خارجي مؤلم زاد حدة الضوضاء داخل رأسها ،صوت الموسيقى الصاخبة و عربدة « الزبائن » لم تفارقها.

لم تكن تسرع الخطى محاولة الهروب من أفكارها ،على العكس تماما ،كانت تختال ..بخطوات ثقيلة..لا مبالية ..صانعة -عن غير قصد- مشهدي المفضل …..

موطني..

لم احتكر في سنواتي كلها أي حقيقية، لم أنتسب فعليا لأي فئة، كان كل شيء بالنسبة لي ضبابيا مبهما، لم أكن أعلم شيئا ضمن المجموعة فأنعم بأمانها الزائف ،و لم أنسلخ عنها فأجعل لعزلتي معنى سرياليا، كنت دائما في منتصف كل شيء ولكني كنت مواطنا .. نعم، كان لي وطن، لم يكن قطعة أرض، ولا مكانا ،و لا حتى شخصا.. لم « أرث » حبه و لم « أتعلم » تقديسه ..لم أناضل لأجله، لم أختر كلمات نشيده و لا ألوان علمه ..و لكنه كان لي ..لي وحدي…

إلى أي حد يمكن أن تكون مجنونا لكي تتخذ مشهد مومس تعود إلى بيتها قبيل الفجر موطنا لك؟ ..تلجأ إليه و تأمن فيه ؟
أبقيت وطني لنفسي لأني أجهل و هم يعلمون ..هم -رعاهم الله- يعلمون كل شيء..يعلمون الغاية و السبب و الوسيلة..أين كنا و أين سنذهب و ماذا نفعل بين هذا و ذاك ماذا لو يعلمون أني لم أجد أبدا قدسية في غير عينيها، لم اتخذ أبدا محرابا غير روحها، لم أخشع ابدا أبدا أمام شيء سوى هيبة صورتها و الحزن الذي يخترق صمتها؟
حجج باطلة.

أصلي كل يوم لحنايا جسدها، أتضرع، أتوهم، أهذي ان لم يكن طوفاني حول قلبها عساي أظفر بحجره السود …فهل من مجيب ؟
على كل حال، لم ينجح الحياء بإقناعي بأي شيء.. لم أصدق أبدا وجناتهم المتوردة و قلوبهم النابضة، كان لبد لهم أن يموتوا…لكي أصدقهم.

كان درويش يعلم انه « لن يفتح النعش المغطى بالبنفسج لكي يودعنا و يشكرنا و يهمس بالحقيقة  » و لكني لم أعلم هذا، و لن أعلم هذا، لكن إذا ما أدركت ذلك، ستستقل سحابة الألوان عن عالمي، سيغرق في الحياد، في الرمادي..كل لون يبلغه طرفي، سينتحر معلنا تمرده على عالم لا مقدس فيه..من كان يعلم ان شريعة الألوان تقدس المقدس؟ أمر غريب حقا قداسة الحياة، قداسة الله، قداسة الدين، قداسة الموت، قداسة الكلمات ..

سوق مكتظ..تجارة مزدهرة..غباء فاحش ..

انظر إليهم شزرا -باعة المقدس و مشتريه- ألعنهم،  أبسق عليهم وأمضي في طريقي كأن شيء لا يعنيني، كأنني شيء كامل التكوين، كأن قدمي ثابتة ثبوتا لا يهدد هشاشتي المفرطة الأرض تحتي
أكمل طريقي، لا أعرف أحدا هنا و لا أحد يعرفني، مجهول من المكان ومن الزمان ومن العناصر ..هل أنا حر ؟ لا أعلم، و ربما لا شيء طالبنا بالوفاء و الطاعة، و الوفاء سمة الأغبياء، نقيض الوعي و الاختيار أريد أن أعلم، أربما نحن عبيد إدراكنا، إذا ما أدركنا..
و أنا لست بغبي ،أليس كذلك ؟
أقضي يومي أغتال آلهة الآخرين، أستبيح مقدساتهم كبديل تافه و حقير عن تحرير مقدساتي من وطأة نفسي، عن تعريتها تحت أشعة الشمس، حيث النور و الدفء…ذلك الدفء الذي يخترق أجسادنا الضئيلة وصولا إلى أرواحنا أين تتخذه هذه الأخيرة سلاحا لمجابهة برودة النظرات و قسوتها.
أعود إلى غرفتي الحقيرة في المساء، أفتح بابي الحقير، أتمدد على فراشي الحقير و قد أنهكني القتل.

نسي من جحيم دانتي لكي يجد نفسه هنا، في هذا الجحيم أنظر إلى انعكاس صورتي في المرآة،أرى شيطانا ذو ثلاث ضروس ..
الذي لا يقل بشاعة عن الآخر.. أريد أن أحتقره، أن ألعنه، أن أمسح تلك الابتسامة الساخرة عن وجهه.. أن أتحول إلى قاض فأدينه فأنفذ فيه أحكامي العادلة، و لكني سرعان ما ألمح الأخاديد التي حفرت وجناته، و العبرات التي تحبسها عيونه بالقتل، وهل أطعنه بالخنجر الذي طعنت الستة كرها و كبرياء.. هل تطفح أعين البائسين بالإنسانية و إن قبلوا به أم أعانقه فأنصهر معه أو يحد بؤسنا فأصنع لنفسي إلها ؟
خمس دقائق…دقائق معدودة و أخلع ثوب اللاجئ..متر، متران، ثلاثة أمتار تفصلني عن دياري، عن أشجاري الساعة الرابعة لزيتوني،عن سمائي، عن ترابي وهوائي..كيف اختلط الزمان و المكان و أصبحت عاجزا عن التمييز بينهما؟ غريب أمر الغربة..و ما تفعله بالإنسان هاهو ذا ذلك الصوت العذب الذي أعرفه جيدا يقترب ببطء، أسارع للنافذة ،أزيح الستائر ،أهيء كل سبل الوجود، و أكون الآن و هنا أنا لا غير ، أستسلم للنشوة التي تسري في عروقي أنتمي.

صوت عال ،مزعج اخترق الحدود دون تأشيرة، سيارة حمراء مسرعة ،موسيقى رديئة و فرامل لا تعمل بعثرت المشهد للأبد .. لم أتحرك، لم أتنفس و لم أشح بناظري، لم أهرع للخارج و لم أنهر في الداخل..سمعت صوتا يطالبني بلهجة فلورنسية عتيقة بأن أعيد له شيطانه ليتوسط من جديد دوائر الجحيم، علمت من كان فلم ألتفت، و ضحكت من قدرة الحياة العجيبة على سلبك في ثانية واحدة.
-أنا أكره صنفين من البشر :المتدينون جدا و الملحدون جدا،فأيهما أنت يا دانتي ؟
-لا أعلم ، و لكن كيف يكون الشخص ملحدا جدا ؟
-أن لا يؤمن باللون الأزرق وقت الغسق…

Made with ❤ at INSAT - Copyrights © 2019, Insat Press