weekly stories
.الفصل 7 : تونس, عز العبودية و ذل الحرية
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
ربما لا يشعر البعض بأن ما يكمن في العنصرية و الشتم و الضرب من إهانة و استنقاص من الشأن أكثر بكثير مما هو في العبودية، على الأقل ذاك واقعه و هو يعلم ذلك لم يكذب عليه أحد و يُقال له أنه في دولة الديمقراطية و المساواة و الكرامة و كل تلك الشعارات …س
في لحظة فارقة من تاريخ تونس أقرّ أحمد باشا باي بإلغاء الرق و العبودية سنة 1846 لتكون تونس أول دولة في العالم تُلغي الرّق (قبل ذلك في 1841 يمنع الاتجار في الرقيق و في 1842 صُدر حكم يَعتبر من يولد بتونس حرّا لا يباع و يشترى) ،و لكن يبقى هذا على المستوى القانوني، فالحقيقة هي ليست مهمّة لتونس بقدر ما هي مهمّة لذلك الشخص ذو البشرة السوداء الذي يجد نفسه عبدا لا لشئ إلا للون بشرته. أتعرفون ماذا شعر لحظة صدور هذا القانون ؟ شعر و كأنّه سجين محكوم بالمؤبد حصل للتو على عفو رئاسي.ء
إن ألقيت نظرة يومها لوجدت الفرحة تغمر الأرجاء بين من هو سعيد بحريته و من هو سعيد بمصير أبنائه و بين من هو فخور كون تونس رائدة في مجال حقوق الإنسان، لكن هناك من لا يرى فيها فرجا بالأساس، لماذا هذا التشاؤم؟ فيما يمكن أن يفكر ؟
حاولت أن أفهم من خلال الإستماع لحوار صديقين :ؤ
ي– « ربما أنا الأن عبد لهذا الثري و ربما مصيري بين يديه و لكنني أستطيع أن أخرج من بين هذه الجدران ،حتى و إن كنت خادما أستطيع أن أرى النّور و أن أرى العالم الخارجي، أخاف أن يأتي يومٌ أكون فيه حرّا و لكنني أخشى الخروج من المنزل خوفا من نظرات العنصرية الجارحة و الألسنة المؤذية … مشكلة العبودية ليست القوانين ، ربما القوانين تمنع العبودية و تحرّم على المواطنين إتّخاذ خدمٍ لهم لكن في مخيلتهم نحن عبادٌ لهم و أقل شأن منهم، هم لا يملون علينا أوامر و نحن نطيعها لكن يمارسون علينا شتى أنواع العنف من ضرب و شتم و سب و نعوت تخجل منها الحيوانات، يطردوننا من مساكننا و يلقوا بنا في الشوارع « ؤ
ء– كيف لك أن تقول هذا و أنت لم تعش لحظة من الحرية المرجوّة ؟
الإنسان عنصري بطبعه و سيجد اللحظة التي يمارس فيها عنصريته المكبوتة دون أن يحاسب أو حتى يلام، لحظة ستكثر فيها الإعتداءات اليومية و السب و الشتم من دون أي سبب لا لشئ إلا لأن الشعب التونسي لا يقبل الإختلاف و ما يحدث من حملات على مواقع التواصل الإجتماعي من عنصرية و إنتهاك لحقوق مواطني إفريقيا جنوب الصحراء نابع عن كبت لم يكن يستطيع أن يعبر عنه خوفًا من آراء من هم من حوله الآن أصبح يعبر عنه تحت شعار » أنا لست عنصري و لكن الواقع أنّ الأفارقة استعمرونا » على أساس أن التونسي ليس بإفريقي هو دوما ما يعتبر نفسه أعلى شأنا من غيره » ، هذه المعاملة السيئة والنظرة المتعالية نابعة عن تراكمات من الطفولة ونحن نشاهد في الأخبار تقديم تونس إعاناتٍ لدولة كذا، دولة كذا من إفريقيا تعاني الجوع و الفقر ….. ، كل هذا ترعرع فينا و تواصل معنا و جعلنا نصدّق أننا دولة ذي شأن في إفريقيا ما جعلنا الآن نحوّل اعتقاداتنا هذه إلى ممارسات مهينة لهذه الفئة من المهاجرين.ؤ
ؤ-هل أن ما نعيشه حقيقة؟ أحقا ولّى زمن العبودية و سنعيش حياتنا كما كنا نتمناها؟ هل سيأتي يوم نتجول فيه في أي مكان نريد في المساجد، في المدارس ؟
ي-من الطبيعي الآن أن نحضى بكل حقوقنا كمواطنين، لكنني أخشى أن نُحرم منها بسبب الضرب و الشتم و الإهانة، أخاف أن يأتي يوم نخاف فيه من ظلالنا، نخاف أن نخرج للشارع خوفا من هؤلاء الذين قالوا أننا أحرار، أخاف أن نصبح هاربين منهم خشية من أفعالهم، أخاف أن يبقى في أذهانهم أننا عبيد، أخاف أن لا ينسوا العلاقة العمودية التي كانت راسخة في الأذهان.ي
ؤ– لكن هناك قوانين تضمن لنا حقوقنا و لا أحد يمكنه المساس بها.ؤ
ب– نحن هنا نتعامل مع أشخاص لا مع قوانين، القوانين تبقى حبرا على ورق، نقابل في اليوم عشرات الأشخاص، نقول عدد لا متناهي من الكلمات و نسمع مثلها فنقوم بعديد الأشياء و نتعرض لمثلها و لا أحد خارج هذا المحيط يمكنه معرفة ما حدث في تلك اللحظة، لا مجال لتطبيق القانون في هذه الحالة، إن كان الأمر يصدر من مئات الآلاف، إن أصبح أي شخص في الشارع يرى « إفريقيا » يقوم بضربه، إن أصبح صاحب مقهى أو محل ما يرى « إفريقيا » يطرده و يشتمه، إن أصبحت العنصرية على وسائل التواصل الإجتماعي أمرا عاديا و مسموح به بداعي المُزاح و الأخطر من هذا إن كانت كل هذه الأفعال تُمارس من قبل كل فئات المجتمع حتى أعوان الأمن فأي قوانين تتحدث عنها ؟
و الأكثر من هذا أن الضرب و الشتم و الممارسات اللاأخلاقية تجاوزت مواطني إفريقيا جنوب الصحراء وصولا للتونسيين ذوي البشرة السوداء-ربما هم أيضا يهددون أمن البلاد و جاؤوا في إطار مؤامرة تحاك لتدمير تونس- المشكلة أن الشعب التونسي يدّعي أنه مع تطبيق القانون ضد الأجانب تحديدا الأجانب « الأفارقة »، أما الأجانب القادمين من أوروبا فالمعاملة تتغير تماما ما يؤكد أن الأمر عنصرية بالأساس لا وطنية و لا خوف عن البلاد. ما يؤكد أن المشكلة لا تتعلق بالقوانين، لطالما كانت المشكلة نابعة من عقليّة الفرد ومدى تقبّله الآخر رغم اختلافه، المشكلة أن الأفراد يرون الأفضلية في أنفسهم و أن المختلف أقل منهم شأن، في هذه الحالة لا يكمن الحل في القوانين و العقوبات و ما إلى ذلك بقدر ما يكمن في التوعية و إصلاح بعض المعتقدات الخاطئة ، ألا و هي أن أفضلية الشخص تتمثل في القيمة المضافة و ماذا يمكن للفرد أن يقدم للمجتمع، ماذا يمثل الفرد في المجتمع كعقل، كإنسان، ككتلة من المشاعر و الأحاسيس لا كلون و لا جنس ولا دين فهذه كلها أشياء لا تؤثر على المحيط بقدر ما هي خصوصيات، و إن كانت حقّا المشكلة مشكلة قوانين، فمن غير المعقول أن يتعرّض « إفريقي » وضعيته القانونية سوية إلى الضرب و الشتم عكس ما هو قائمٌ اليوم.ؤ
نحن كبشر لدينا العديد من الرغبات المكبوتة نريد دوما إشباعها و عندما نجد الفرصة و لحظة التي تمكننا من إشباع رغباتنا دون عقاب أو حساب نقوم بذلك عادة ما يكون هذا من خلال حملات أو ممارسات ضمن مجموعة. الشئ الذي سيحمينا من العتاب هذا بالضبط ما يحدث الآن نابع من غريزة عدم قبول الإختلاف التي تحولت إلى عنصرية و هذه المرحلة مثّلت فرصة لإشباع هذه العادة المزرية.ر
.كتابة : وسيم تلمودي