À vos plumes
اغتُصِبت الحياة
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
أخذت الأم الرسالة المكتوبة بخط مهزوز و راحت تقرأ:
« عدت الى حياتي لكنها لم تعد كما كانت ..
أصبح الجميع يمرقني بنظرة استصغار و الحال أن ذنبي أنه أعتدي عليّ و أغتصب حقي في الحياة. أصبحت أرى في أعينهم القسوة و الشفقة، لم يهتم أحد بي حتى أصدقائي.. كان الإحساس بالوحدة قاتلا و رويدا دب فيّ اليأس…
اليوم و في طريق عودتي المشؤوم، أصابني ارتجاف… رائحة مغتصبي منتشرة في الأرجاء. رأيته يتودد إلى إحدى الفتيات، هو الذي لم يمضي على اعتقاله سوى شهر. كيف له أن يكون حرا؟ كيف له أن يمشي حرا طليقا بين الناس و يبتسم له الجميع؟ أنّى له أن يعيش؟ أنّى له أن يتمتع بأشعة الشمس؟ كيف لي أن أعيش بعدما أصبحت في أعين مجتمعي عاهرة؟ كيف لي أن أحضى بمستقبل و أنا زانية في عقول أبناء بلدي؟ كيف لي أن أعيش و قد أصبحت مطمعا لتلبية شهواتهم؟ أنى لي أن أتطلّع إلى حياة أفضل و الجميع يتحاشى التقرب مني؟ كيف يطيب لي العيش و هو لم يحاسب، بل والجميع ملتف حوله كأنه بطل أولمبي؟ كيف أغدو سعيدة بعدما أستبيح انتهاك عرضي؟ كيف أعيش و في مجتمعي يهان المظلوم و يداس، لا يحاط به لا نفسيا و لا اجتماعيا؟ كيف أعيش و أنا ضحية مغتصب جسدي و روحي؟؟
لم يسعني سوى حمل جسدي المتهالك إلى غرفتي … لعل كلماتي هذه تصل إلى قلب نقي، لعل أحدا ما يعاقب من اغتصب عائلتي .. من اغتصب أحلامي .. من اغتصب حياتي .. لقد اغتصب ماضي و حاضري و مستقبلي. أتهم أبي و أمي بالتقصير و أتهم أخي و أختي بالفجور و أتهمت أنا بالرذيلة و الحال أنني ضحية شهوة حيوانية لوحش. لم يكن أملي في الحياة سوى ملاحقة أحلامي و آمالي و لم يكن ذنبي سوى أنني تأخرت عن المنزل قليلا في سبيل تحقيق طموحي، لكن و بتجرده من الإنسانية أعتدى على حرمتي. هو اليوم حر طليق مما اغتصب فؤادي .. اغتصب حقي و أغتصب كل أنثى ..
رغم كل ما تعرض له جسدي من تعنيف فإن وقع نظرة الناس و تصرفاتهم في نفسي كان أشد و أعنف .. اغتُصِب وجداني .. اغتُصِبت معنوياتي .. اغتُصِب حبي و أملي في الحياة .. اغتُصِب قلبي .. اغتُصِبت الحياة. و ما زادني يأسا اغتصاب أصحاب القانون لحقي في القصاص، حق كل أنثى في العيش، فلم يرحمني لا عدو و لا صديق و لا جار و لا رفيق و لم يشفع لي قاض أو حكيم؛ اليوم وحيدة و غدا أكثر وحدة فلا أرى لهذا نهاية سوى نهايتي، و يبقى ما لم يقل من أسوأ أحاسيسي مدفونا بداخلي …
فيا مغتصبي ألقاك يوم لا ينفع الندم، يوم ينير الله روحي، يوم يسترد حقي، يوم شكوتي، يوم تحقيق العدل، يوم ملقاة القدير، يوم تغتصب في نيران الجحيم… »
و بعد لحظات أفاقت القتاة تتمتم: « شكرا لك يا دكتور لاغتصابك محاولة إنتحاري … »