Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 12

Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 12
ذاكرتي.. – Insat Press

À vos plumes

ذاكرتي..

Published

on


Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116

Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116

Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117

Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117

أحيانا نتمنى لو تخوننا الذاكرة يوما.. و ننسى بعض الأحداث المؤلمة.. لكن أنى لنا ذلك.. أذكر جيدا ذلك اليوم.. الذي دُمِّرت حياتي معه.. كنت عائدة إلى المبيت الجامعي حين سمعت صوتا شديدا كاد يدمر طبلة أذني.. التفت بسرعة و إذا بي أرى مشهدا أتمنى الموت على رؤيته.. كان حادث سير.. تقدمت قليلا.. رأيت مجموعة من الأشخاص يتوسطهم شاب في العشرينات طريح الأرض.. لم أصدق عيني حينها.. إنه هو..

بعد مرور ربع ساعة من الألم.. قدمت سيارة إسعاف و حملته بسرعة اتجاه المشفى لإسعافه.. أخبرني الطبيب المباشر أنهم قاموا بالإسعافات الأولية و يجب أن ننتظر متى يصحو.. لكن.. « احتمال كبير أنه سيكمل حياته على كرسي متحرك ».. صدمت حينها.. لم أستطع فعل شيء.. سألته إن كان بإمكاني زيارته فسمح لي بذلك.. فتحت باب الغرفة و رأيته مستلقيا على ذاك الفراش و العديد من الأجهزة الطبية متصلة بجسده.. بكيت كثيرا إلى أن جفت دموعي.. أخذت كرسيا و جلست إلى جانبه.. قرأت ما تيسر من القرآن بنية شفائه و دعوت الله كثيرا أن يصحو بسرعة..

كان وجهه لا يظهر منه سوى أعينه، فمه و أنفه.. بعد سويعات.. فتح أعينه.. نظر لي باستغراب.. كأنه لا يعرفني.. بكيت بشدة و حمدت الله.. في اليوم الموالي قدم الطبيب.. فحصه و أخبره أنه بخير.. لكن أعينه لم تقدر على إخفاء ما كان يريد إخفاءه.. اتجهت خلفه.. أخبرني أنه فقد ذاكرته.. و أن الفحوصات أثبتت مع الأسف أنه لن يستطيع المشي مجددا..

سقطت حينها على الأرض.. لم أصدقه.. بعد دقائق عدت إلى مكاني بجانبه.. أخبرته من يكون.. « اسمك أحمد.. لقد صدمتك سيارة بالأمس ».. سألني من أكون.. فأخبرته.. قدم والديه يومها.. و لم تكن صدمتهما بالخبر أقل من صدمتي.. مرت ثلاث أسابيع.. لم أقدر فيها على تركه.. كنت معه في كل لحظة.. إلى أن تحسنت حاله.. و يوم خروجه من المشفى.. اتجهت صباحا نحو مخبر التحاليل.. كي أستلم نتائج التحاليل التي قمت بها منذ أسبوعين.. اتجهت بعدها إلى مكتب الطبيبة..

في الأسبوع الأول من الحادث.. كنت أشعر بألم شديد في رأسي.. كان يزورني في كل مرة.. لكنه هذه المرة تواصل.. إلى أن أغمي علي.. طلب مني الأطباء مجموعة تحاليل.. لا يمكنني الحصول على نتائجها إلا بعد أسبوعين.. دخلت مكتب الطبيبة يومها.. و أظنها كانت على دراية بالنتائج.. نظرت لي بشفقة ثم أمرتني بالجلوس.. و استأنفت الحديث.. « صباح الخير عزيزتي.. لقد اطلعت بالأمس على نتائج التحاليل.. في الحقيقة كنا قد ظننا أن الأمر ليس بهين و النتائج أثبتت ذلك.. يؤسفني إخبارك أنك مصابة بالسرطان و في المرحلة الثانية.. و الأسوء من ذلك أنهما نوعان.. سرطان أصاب المخ.. و آخر في الرحم.. و يجب أن نبدأ بالعلاج فورا.. »

لم أنطق بحرف حينها.. آخر لحظة أتذكرها ذلك اليوم.. حين رأيته في كرسيه المتحرك يغادر المشفى صحبة والديه.. و أنا على السرير المتحرك خلفه.. في اتجاه غرفة العلاج.. أين سأتعاطى جرعة الكيماوي.. كنت أريد مرافقته أو حتى توديعه.. لكنني لم أقدر.. مر الزمن بسرعة.. كنت على إتصال متواصل برفاقه.. كنت أتابع جميع أخباره و سعيدة بتحديه لمرضه و إصراره على مواصلة الحياة.. لم أسمح لرفاقه بإعلامه عن حالي.. فبعد سنة من العلاج تدهورت صحتي و اضطر الأطباء على استئصال رحمي.. كما أنني فقدت الذاكرة.. لكن شيئا واحدا لم أنساه.. أحداث ظلت مرسومة في ذاكرتي.. تتعلق به هو فقط.. بعد مرور ثمانية عشر عاما و نصف.. شاءت الأقدار أن أراه مجددا.. في نفس المكان الذي كنا نزوره دائما.. هو.. على كرسيه المتحرك.. يحمل ورقة و قلما و يخط كلمات لها هي… هي نفسها أنا…

إلهام غضباني

Made with ❤ at INSAT - Copyrights © 2019, Insat Press