À vos plumes
على ضفاف نهر الشرود
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
كنا على ضفاف نهر الشرود.. على شاطئ البحر في مكاننا المعتاد.. المفضل إن صح التعبير.. و كالعادة مر الوقت معك بسرعة إلتقاء جفنيك.. أوصلتك مكرها إلى المبيت الجامعي و عدت أجر أذيال الشوق.. شيء ما يجذبني من ملابسي لا يريدني أن أتقدم..
كنت أترجم شيفرات صورتك في عقلي و أحفظها في ركن خاص جدا.. عندما وضعت رجلي على المعبد و دهستني سيارة .. لم أشعر بشيء و لا أذكر حتى هذه اللحظة ما الذي حدث!
أفقت من غيبوبتي القصيرة.. و الدوار يلف رأسي ألما كأن يدين ساحقتين تضغطان عليه .. إلتفت يمنة و يسرة فإذا جمع من الناس يلتفون حولي و ينادونني بٱسم أحمد .. و من أحمد هذا! و من أنتم؟ و مالذي أفعله على هذا السرير؟ و ما هذه الرائحة التي أكرهها؟ أهي رائحة المشفى؟ حاولت رفع رأسي و لكن سرعان ما أغمي علي .. لأفيق مجددا وسط نفس المتاهة ..
أظنني لست من يبحثون عنه .. ربما الغرفة المجاورة .. فأنا لا أعرف من يكون أحمد هذا الذي يطلقون علي ٱسمه .. ثم إن إحدى الفتيات التي لم أرد أن تفلت يدي من نعومة يديها .. كانت تبكي بحرقة و شهقاتها متتالية .. سألتها مالذي أصابها لكنها لم تجب .. و أردت رفع يدي لأتحسس وجهي فلم أقدر .. فإذا بي أرى في بلور الخزانة المقابلة ضمادات تلفه و لا يظهر منه غير عيناي و شفتاي و فتحتا أنفي.. بت الليلة هناك .. في المكان ذي الرائحة التي أكرهها .. و لو كنت أقدر على الرحيل لرحلت لكني لم أستشعر حتى أصابعي .. كانت ساقاي مغلفتين كليا بالأبيض .. جامدتين متصلبتين إذ فقدت شعوري بهما .. و مع تأخر الوقت نام الجميع فوق الكراسي في تلك الغرفة الضيقة على صدري .. إلا تلك التي تذرف الدمع .. حتى أني خفت عليها أن تفقد بصرها بسببه .. كانت تتحسس يدي و تحضنها و تخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام .. و أني سأكتب مجددا ..
أشرقت شمس الصباح و رحل البعض و ٱستأذن آخرون واعدين بالعودة .. لم أعطهم موافقة و لم أهتم بوجودهم من عدمه لأني أخفقت في التعرف على أي من وجوههم التي بدت لي متعبة و حزينة .. ولج للغرفة الطبيب ذاته الذي شخصني الليلة الماضية .. فحصني و طمأنني أني بخير ثم ابتسم ملئ شدقيه و تمنى لي يوما جميلا .. كيف لا يكون يا دكتور و هذا القمر لا يفارقني اللحظة .. و فور أن وطأت رجله خارج الباب قفزت تلك الحسناء من مكانها مسرعة و لحقت به .. كان حوارهما المضطرب يظهر من خلف البلور .. تحدثا قليلا ثم طأطأ رأسه و صرخت هي بقوة و سقطت مغشيا عليها .. أردت التحرك لكني لم أقدر .. أردت نجدتها لكني عجزت .. حينها فقط أدركت أني سأكمل عمري مشلولا .. فاقدا لذاكرتي .. فاقدا لتلك الحسناء التي ربما كنت أحبها و أعدها بالزواج .. و بعد بضع ساعات عادت و أخذت مجلسها ذاته تتأوه من كدمة زرقاء أعلى جبينها ..
لم يكن هناك سوانا في الغرفة .. فرأيتها فرصة أن أسألها من تكون و ما الذي أتى بي هنا ؟ أخبرتني أنها تدعى فلانة و أني أدعى أحمد .. كنت معها بالأمس في مكاننا الخاص و عندما كنت في طريقي للمنزل صدمتني سيارة كادت تودي بحياتي لولا ألطاف الله .. عقدت حاجبي و حاولت التذكر لكني بحيرة أخبرتها أني لا أعلم ما الذي تتحدث عنه مطلقا .. و لم أكمل جملتي حتى دخلت إمرأة تولول و رجل باك في مقتبل الخمسينات من العمر .. لم أعرف من يكونان شخصيا لكنهما من أقربائي على ما يبدو .. و فورا خرجت الفتاة و بقيا .. و راحا يحققان معي صارخين مالذي حصل ؟ و كيف و متى ؟ و أين ؟ ليداهمني صداع شديد جدا صرخت من وهله بأعلى صوتي .. نادوا للطاقم الطبي و مع وصولهم كنت قد أغمي علي مجددا .. عندما فتحت عيناي على صوت الجهاز الموصول بنبضات فؤادي .. جهاز كنت أشاهده في الأفلام فقط .. كان الرجل و المرأة عن يميني و عن شمالي .. و الفتاة الجميلة ذاتها شابكة رجليها و يديها و تجلس في الركن المقابل لي تماما .. آه كم كنت أتمنى في داخلي لو كنت حبيبها قبل فقدان ذاكرتي أو شيئا من هذا القبيل .. سألتها من هاذان ؟ فبكت المرأة .. أخبرتني أنهما والداي جاءا عندما سمعا بما حصل لي .. لكني حقا كنت كأني أراهما لأول مرة في حياتي .. رغم أنهما أبي و أمي و المفروض أنه مهما كانت صدمة الرأس قوية و إن حصل و خانتني ذاكرتي .. هما ساكنا الفؤاد اللامنسيين لأي شخص .. لكني نسيتهما .. مرت ثلاث أسابيع و أنا طريح الفراش .. و يوم خروجي كنت على كرسي بدولابين .. لم أقدر على تحريكهما فقد شلت كل أطرافي .. كانت ذات المرأة التي تدفعه هي التي أخبروني أنها أمي .. يا إلهي! حملتني وهنا من بعد وهن و في اليوم الذي سقطت فيه .. هي التي أنجدتني كما أظنها أنجدتني في أول خطوة لي .. و لم أرى أثرا لتلك الفتاة شبيهة القمر منذ ذاك اليوم .. بعد أربعين سنة ..
بقلم أحمد ڨويدر