À vos plumes
مذكّرات وينا من اللاّزمان و اللاّمكان : جزء 2
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
هذا المكان ضيّق جدا لم أعد أرى أشياءي الصغيرة ..أعني الأوراق والنجوم الشقراء وأجنحة الغمام و كل الملصقات التي استلمتها من وينا المرة الفائتة ..أتذكر أنها هاتفتني بالأمس سوف نتلاقى عند ظل الشجرة مجددا ..هذه المرة سوف تحدثني عن ماضيها ستخبرني كيف عاشت يتيمة طيلة حياتها لم يكن لها من الأصدقاء سوى الأوراق كانت تهندس فيها كل يوم أشكالا بأبعاد عديدة ..هذا الشعور سيكون رسمه هكذا ..تمثيله مثل هذا .. لطالما أحبت تلك الأشكال خاصة المغلقة منها كانت تحرص دوما على غلق الأشكال بدقة ..فالخطوط عليها أن تكون سميكة كفاية كي لايتسرّب منها ذلك الكمّ الهائل من المشاعر المتكومّة حول ذاتها داخل الرسم ..الأمر شبيه بما يفعلون في الحروب ينشأون الحصون و يبنون الجدران الدّفاعية لحماية أنفسهم من العدوّ أمّا كل ما تقوم بفعله وينا هو غلق الأشكال لم تكن تريد لبؤس العالم أن يتسرّب من بين الخطوط فيعكّر اثر ذلك صفو مشاعرها .كان العالم بالنسبة اليها مجرّد صور جامدة تحدق فيك و تحدّق فيها ..أحيانا تتخاطبان لكنها لا تسمعك تظل جافة ومحايدة للغاية لأنها خالية من المشاعر..الحياة ليست سهلة كما تبدو لنا و المغامرات التي نقرأ عنها في الكتب و نشاهدها في الأفلام الكرتونية هي أكثر تشويقا و إثارة في الواقع فكل طاقات دراغنبول و ناروتو لا تكفي كي ننجح في التقليص من حجم الفساد المنتشر في العالم .. أخبرتني وينا أيضا أنها سوف تحدثني كيف كانت مجبرة على تقمّص الأدوار.. تراها يوما في دور الشريرة تخدع الجميع بوجه مزدان بالطيبة ثم تقرر فجأة تخصيص الظهيرة للتفكير في النملة التي ستتوقف حياتها اثر دهسها لها من ثم تتنقل الى تقمص دور النملة و تبدأ التفكير في العمل الدؤوب و المثابرة فالحياة كما تعلمون ليست سهلة على الإطلاق و على المرء أن يكون مجتهدا و مثابرا في سبيل النجاح . لقد وعدتني أنها ستروي لي المزيد من القصص عندما نلتقي .. ساعة اللّقاء قد حانت و أنا متشوّقة للغاية لسماع المزيد من الحكايا لكن وينا لم تأتي خيبت ظني ..أحسست أنّ أملي الوحيد يتلاشى.. تفككت الأشكال.. انحنت الخطوط ..صارت نقاط استفهام تفرّ مني باحثة عن أصل لها فربما تكون نقطة بداية أخرى أحسست أني سأفقد التماسك الهش للأحداث
جلست سريعا حذو شجرة منسية الظل و ادعيت كالعادة التواجد في هذا العالم ..ظللت ألملم أوراق « وينا » الشقراء و بعضا من أجنحة الغمام و قطرات المطر و نجيمات كنت قد قمت بقطفها من أحاديثنا المتأخرة ليلا حتى لا يعرّيني الحنين الى سويعات اللقاء الشارد في الغابة الوامضة حذو شجرة منسية الظل
..الآن .. الشجرة بعيدة
و انا وسط علبة مستطيلة الشكل او مربع اقوم فيها باخفاء أغراضي الشخصية .. أخفي جميع هذه الأشياء و أحرص ألا تختلط مع اشياء هذا العالم
لكن ماذا لو أن دويا عنيفا يحدث في تلك العلبة ؟ ماذا لو أن فقاقيع أحلامي و أوراق وينا الشقراء تسربت الى دروس البيولوجيا التي أقوم بمذاكرتها الآن و اجتاحت كل ركن ركين من تراكيب البروتينات و الهرمونات وغيرت في تركيبة كل الجينات ؟ ربما حينها فقط سأقوم بمحاولة جدية للبحث عن ظل الشجرة و عن أحلامي المنسية بدون إخلال مسبق بقوانين الطبيعة و تغيير في جينات هذا العالم كمخلفات جانبية لفوضى كيميائية ..ربما حينها فقط سأدرك ان جميع أوراق وينا ترتعش في جسدي و أن الغصينات الصغيرة رغم طول المسافة التي تفصلني عن الشجرة تتشابك في روحي وأن أوصالي المزدحة بالعشق و خصلاتي المعقودة المتموجة و الجفون و كل الأهداب العالقة و الصداقات المنسية و الحب العابر .. سأدرك أن كل هذه الأشياء البسيطة و المعقدة في منتمية بدورها الى العالم بل هي من أملاكه .. اه يا وينا.. أيّها اللّيل الشّارد و الغابة الوامضة ..كم يعريني الحنين الى ظلّ الشّجرة