À vos plumes
هل أنت جِدّي؟
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 116
Notice: Undefined variable: post in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
Notice: Trying to get property of non-object in /home/insatprecm/www/wp-content/themes/insatpress2019/amp-single.php on line 117
مالت الشمس ناحية الجامع الأكبر، وقد احتميت بظل الصومعة أنتظر خروج خنساء من المكتبة. عجيب هو أمر هاته الفتاة، تقضّي معظم الوقت في ترتيب الأقلام و الأوراق و الكتب و المراجع, فيما لا تستخدمها إلا قليلا. ما إن لمحتها تغادر القاعة حتّى شرعتُ بالمشي بخطًى حثيثة. فتعال صوتها:
– مالك تجاوزتني؟ تتسبب في تضييع وقتي و تغرّني بكلامك المعسول ثم تدير لي ظهرك و تذهب, هكذا أنتم الرجال.
– يا إلهي يا خنساء؟ كفّي عن إدّعائك الخطاب النسوي المكرر, يجب أن أصل المنزل باكرا لأعدّ العشاء.
أسرعت قليلا لتلتحق بي و أردفت بلهجة تهكّم:
– دعك من بيضك المقلي و أقبل دعوتي لك على العشاء.
– كلّا لن يغريني عرضك, لا يلدغ العاقل من جحر مرّتين.
– ذلك حال العاقل, امّا أنت فمجنون.
حدّثتني حتّى ألهتني عن إتّباع طريق العودة نحو منزلنا، فوجدت نفسي واقفا أمام الزقاق المؤدّي لمنزلها. صمتت قليلا ثمّ واصلت :
– يبدو أنّك شارد الذهن فعلا، خلت أنّك تتصنّع ذلك. مالك يا درغام؟ تريد أن تقول شيئا؟ تريد أن تصرّح بمشاعرك لي؟
– عن أي مشاعر تتحدّثين.. ما كان ينقصني إلّا أن تصدّقي ما قلته لكي في المكتبة..
– أها، يعني كنت تكذب؟
– لم أكن أكذب، كنت فقط أختلق أحاديث مبنية على وقائع. فقط لنخرج من كومة الأوراق التي أغرقتني فيها..
– تتحدّث وكأنّي أنا نابغة القسم يا ولد.. يا أبني أنت فيلسوف.
– دعكي من ذلك. لم ألقي بالا قط لكل هذه الألقاب التي تنسبونها لي، بل و لم أحاول في يوم من الأيّام أن أنبغ في شيء. كل شيء حدث حين أخترت أن أتوجّه لمسلك الآداب.
-نبوغك يكمن في انّك أخترت ما تحبّه، ليس ما يفرضه عليك والداك.أنظر لتعاسة تجربتي : أخترت الآداب لأنّه لم يبقى لي خيار آخر.
– مأساتك في ضعفك.
– و ما مأساتك أنت؟
– مأساتي في أنّي إخترت من أحب. و هي لم تخترني.
– يا إلهي.. لم أنتظرت كل هذا الوقت لتصرّح لي؟
– كفّي عن تهريجك. لست أتحدّث عن أنثى عادية..
– يعني أنّي أنثى عادية؟ درغام, بدأت تتسبب لي في إحباط شديد.
– أتحدّث عن الحياة، لم أشعر يوما بأنّي أحيا حياة عادية.
– كنت للتوّ سأسألك عن والدتك, مازال سفرها يطول؟
– أتمنّى ألّا تعود قطّ.